Wednesday, August 27, 2008

سؤال للنقاش

اين تذهب احلام الصغار عندما لا يعودون صغاراٌ؟

Friday, August 15, 2008

لعلني اصير صوتي

منذ ثلاثة ايام و انا سارحة بتفكيري في متاهات الموت و الحياة بلا دليل للوقت او المكان. ادركت خلال سرحتي هذه انني قد نسيت ما احسست يوما انه انا. نسيت بانني لايام و سنين صغيرة كنت اعيش داخل الكلمات و احلام الشعر و الروايات. اردت ان اصبح مثل من كتبوا تلك السطور و الصفحات

و لكن و لاسباب كثيرة و لمدة صرت اشياء اخرى كثيرة__ متخبطة، متلبكة. و لكن كان هناك صوت ات من عمق النفس. كان دائم الثرثرة محاولة منه بان يُسمع. و لمدة لم يكن يُسمع، الا انه لم يفقد الامل و استمر بالكلام الى ان اصبح مسموعا

ليتني مثل هذا الصوت متفائلة، فأملي دوما متشائم. كم اريد ان اسمع هذا الصوت اعلى مما هو عليه الان. اريده ان يصيرني فهو اقوى مني و اجرأ مني و اكثر املا و حياة مني. لعلي اصير يوما صوتي

Wednesday, August 13, 2008

عن الحزن

لماذا يجد البعض صعوبة في تقبل حزن الاخرين كرد فعل مشروع؟ ما الذي يجعلنا نقلل من قيمة حزن الاخرين وخوف الاخرين؟ هل نظن انه لاننا حزينون و مكتئبون و مهزومون و مكسرون و خائفون فلنا حق احتكار لتلك المشاعر؟ ربما حزننا و انكسارنا و هزيمتنا و خوفنا لم يصلوا بعد الى العمق الذي يسمح لنا بان نرحم انفسنا و الاخرين و نسامحهم و نسامحنا و نسامح انسانيتنا و الحزن

Saturday, August 9, 2008

نهاية حقبة




بعد موت ادوارد سعيد اتصلت بي احد معارفي و هي تشهق على الهاتف. بالرغم من حزني الا ان حزني لم يترجم الى دموع. كان حزنا فكريا و لم يكن عاطفيا. اما اليوم فدموعي تنهار لوحدها دونما استفزاز. ان حزني على محمود درويش هو حزن فكري و عاطفي، لأن الدموع تنهار من العاطفة و ليس من الفكر

قبل قرابة عشر سنوات مر درويش بحالة قرب من الموت، خلالها كان خوفه الاكبر، على حد ما كتب هو لاحقا، هو فقدان اللغة العربية. و ربما لأنه كتب باللغة العربية كان تأثيره عليَ اكبر و اعمق و وصل الى العاطفة قبل ان يصل الى الفكر

بعد محمود درويش لم يعد لنا نحن الفلسطينيين اي صوت عال يؤمن بالأنسانية و انسنة النفس و الاخر ،و في نفس الوقت صوت ناقد ،ضمن اللغة الانسانية و ليس الالهية المستحيلة، للنفس و للأخر. و هذا ما تعلمت من اشعار درويش التي تربيت عليها. و لحسن حظي فأن دموعي تنهار كلما وضعت هذه الكلمات على ورق. و اقول من حسن حظي لأن هذه الدموع في نظري دليل على عمق هذه المبادئ النادرة دوما و خصوصا الان في عصر العقائديين. ولكن لابد من الامل

هنا عند مُنْحَدَرات التلال
أمام الغروب وفُوَّهَة الوقت
قُرْبَ بساتينَ مقطوعةِ الظلِ
نفعلُ ما يفعلُ السجناءُ
وما يفعل العاطلون عن العمل
نُرَبِّي الأملْ


للمزيد من الاشعار بصوت الشاعر: هنا

Wednesday, August 6, 2008

في المقهى

من مقعدي في مقهى الحي رأيتها بطرف عينيي جالسة على الطاولة المقابلة لي، تراقبني و ترصد حركاتي. كلما رفعت نظري عن شاشة الكمبيوتر، التي ترافقني كظلي (او اكثر)، رأيتها تخفض بصرها و تنكب على دفترها كاتبة (او مخربشة) بعض السطور (او الخرابيش). و هكذا كانت لعبة القط و الفأر ما بين عينينا: انظر فتنكب، تنظر فأحملق في شاشتي

ظننتها كاتبة لقصص و روايات تتنقل ما بين المقاهي و الكراسي في الاماكن العامة و الخاصة بحثا عن ايحاءات لشخوص قصصها

اه ما اكثر غروري. ظننت اني المنبع الطبيعي لكل ايحاء ادبي او ابداعي. و لكن في لحظة ملهمة ركزت نظرتي على دفترها و انجلت الحقيقة. لم تكن جارتي كاتبة. بل كانت رسامة تنسخ صورة المقهى و كنت جزءا من عفش الصورة و لم اكن مصدرا لاي ايحاء

Wednesday, July 2, 2008

لاعب النرد

من جريدة الايام

ملاحظة: لقد محيت بعض الحركات و علامات الترقيم بسبب خربشة بلوغر لمواقعهم و عدم قدرتي (او قلة علمي) على تصحيح المواقع


2,7, 2008

لاعب النرد
بقلم: محمود درويش


مَنْ أَنا لأقول لكمْ
ما أَقول لكمْ ؟
وأَنا لم أكُنْ حجراً صَقَلَتْهُ المياهُ
فأصبح وجهاًولا قَصَباً ثقَبتْهُ الرياحُ
فأصبح ناياً

أَنا لاعب النَرْدِ
أَربح حيناً وأَخسر حيناً
أَنا مثلكمْ
أَو أَقلُّ قليلاً
وُلدتُ إلى جانب البئرِ
والشجراتِ الثلاثِ الوحيدات كالراهباتْ
وُلدتُ بلا زَفّةٍ وبلا قابلةْ
وسُمِّيتُ باسمي مُصَادَفَةً
وانتميتُ إلى عائلةْ
مصادفَةً ،
ووَرِثْتُ ملامحها والصفاتْ
وأَمراضها

أَولاً - خَلَلاً في شرايينها
وضغطَ دمٍ مرتفعْ
ثانياً - خجلاً في مخاطبة الأمِّ والأَبِ
والجدَّة - الشجرةْ
ثالثاً - أَملاً في الشفاء من الانفلونزا
بفنجان بابونج ٍ ساخن
ٍرابعاً - كسلاً في الحديث عن الظبي والقُبَّرة
خامساً - مللاً في ليالي الشتاءْ
...سادساً - فشلاً فادحاً في الغناءْ

ليس لي أَيُّ دورٍ بما كنتُ
كانت مصادفةً أَن أكون
ْذَكَراً
ومصادفةً أَن أَرى قمراً
شاحباً مثل ليمونة يَتحرَّشُ بالساهرات
ولم أَجتهد
كي أَجد
ْشامةً في أَشدّ مواضع جسميَ سِرِّيةً

كان يمكن أن لا أكونْ
كان يمكن أن لا يكون أَبي
قد تزوَّج أُمي مصادفةً
أَو أكون
ْمثل أُختي التي صرخت ثم ماتت
ولم تنتبه
إلى أَنها وُلدت ساعةً واحدةْ
ولم تعرف الوالدة ْ
أَو : كَبَيْض حَمَامٍ تكسَّرَ
قبل انبلاج فِراخ الحمام من الكِلْسِ

كانت مصادفة أَن أكون
أنا الحيّ في حادث الباصِ
حيث تأخَّرْتُ عن رحلتي المدرسيّة ْ
لأني نسيتُ الوجود وأَحواله
عندما كنت أَقرأ في الليل قصَّةَ حُبٍّ
تَقمَّصْتُ دور المؤلف فيها
ودورَ الحبيب - الضحيَّة
ْفكنتُ شهيد الهوى في الروايةِ
والحيَّ في حادث السيرِ

لا دور لي في المزاح مع البحرِ
لكنني وَلَدٌ طائشٌ
من هُواة التسكّع في جاذبيّة ماءٍ
ينادي : تعال إليّْ
ولا دور لي في النجاة من البحرِ
أَنْقَذَني نورسٌ آدمي
ٌّرأى الموج يصطادني ويشلُّ يديّْ

كان يمكن أَلاَّ أكون مُصاباً
بجنِّ المُعَلَّقة الجاهليّةِ
لو أَن بوَّابة الدار كانت شماليّةً
لا تطلُّ على البحر
ِلو أَن دوريّةَ الجيش لم تر نار القرى
تخبز الليل
َلو أَن خمسة عشر شهيدا
ًأَعادوا بناء المتاريسِ
لو أَن ذاك المكان الزراعيَّ لم ينكسرْ
رُبَّما صرتُ زيتونةً
أو مُعَلِّم جغرافيا
أو خبيراً بمملكة النمل
أو حارساً للصدى

مَنْ أنا لأقول لكم
ما أقول لكم
عند باب الكنيسةْ
ولستُ سوى رمية النرد
ما بين مُفْتَرِس ٍ وفريسةْ
ربحت مزيداً من الصحو
لا لأكون سعيداً بليلتيَ المقمرةْ
بل لكي أَشهد المجزرةْ

نجوتُ مصادفةً : كُنْتُ أَصغرَ من هَدَف عسكريّ
وأكبرَ من نحلة تتنقل بين زهور السياجْ
وخفتُ كثيراً على إخوتي وأَبي
وخفتُ على زَمَن ٍ من زجاجْ
وخفتُ على قطتي وعلى أَرنبي
وعلى قمر ساحر فوق مئذنة المسجد العاليةْ
وخفت على عِنَبِ الداليةْ
يتدلّى كأثداء كلبتنا
ومشى الخوفُ بي ومشيت بهِ
حافياً ، ناسياً ذكرياتي الصغيرة عما أُريدُ
-من الغد - لا وقت للغد

أَمشي / أهرولُ / أركضُ / أصعدُ / أنزلُ / أصرخُ / أَنبحُ / أعوي / أنادي / أولولُ / أُسرعُ / أُبطئ / أهوي / أخفُّ / أجفُّ / أسيرُ / أطيرُ / أرى / لا أرى / أتعثَّرُ / أَصفرُّ / أخضرُّ / أزرقُّ / أنشقُّ / أجهشُ / أعطشُ / أتعبُ / أسغَبُ / أسقطُ / أنهضُ / أركضُ / أنسى / أرى / لا أرى / أتذكَّرُ / أَسمعُ / أُبصرُ / أهذي / أُهَلْوِس / أهمسُ / أصرخُ / لا أستطيع / أَئنُّ / أُجنّ / أَضلّ / أقلُّ / وأكثرُ / أسقط / أعلو / وأهبط / أُدْمَى / ويغمى عليّ /

ومن حسن حظّيَ أن الذئاب اختفت من هناك
مُصَادفةً ، أو هروباً من الجيش ِ
لا دور لي في حياتي
سوى أَنني
عندما عَـلَّمتني تراتيلها
قلتُ : هل من مزيد ؟
وأَوقدتُ قنديلها
ثم حاولتُ تعديلها

كان يمكن أن لا أكون سُنُونُوَّةً
لو أرادت لِيَ الريحُ ذلك ،
والريح حظُّ المسافرِ
شمألتُ ، شرَّقتُ ، غَرَّبت
ُأما الجنوب فكان قصياً عصيّاً علي
َّلأن الجنوب بلادي
فصرتُ مجاز سُنُونُوَّةٍ لأحلِّق فوق حطامي
ربيعاً خريفاً
أُعمِّدُ ريشي بغيم البحيرةِ
ثم أُطيل سلامي
على الناصريِّ الذي لا يموتُ
لأن به نَفَسَ الله
والله حظُّ النبيّ

ومن حسن حظّيَ أَنيَ جارُ الأُلوهةِ
من سوء حظّيَ أَن الصليب
هو السُلَّمُ الأزليُّ إلى غدنا

مَنْ أَنا لأقول لكم
ما أقولُ لكم
مَنْ أنا ؟

كان يمكن أن لا يحالفني الوحي
ُوالوحي حظُّ الوحيدين
"إنَّ القصيدة رَمْيَةُ نَرْدٍ"
على رُقْعَةٍ من ظلامْ
تشعُّ ، وقد لا تشعُّ
فيهوي الكلامْ
كريش على الرملِ

لا دَوْرَ لي في القصيدة
غيرُ امتثالي لإيقاعها
حركاتِ الأحاسيس حسّاً يعدِّل حساً
وحَدْساً يُنَزِّلُ معنى
وغيبوبة في صدى الكلمات
وصورة نفسي التي انتقلت
من "أَنايَ" إلى غيرها
واعتمادي على نَفَسِي
وحنيني إلى النبعِ

لا دور لي في القصيدة إلاَّ
إذا انقطع الوحيُ
والوحيُ حظُّ المهارة إذ تجتهدْ

كان يمكن ألاَّ أُحبّ الفتاة التي
سألتني : كمِ الساعةُ الآنَ ؟
لو لم أَكن في طريقي إلى السينما
كان يمكن ألاَّ تكون خلاسيّةً مثلما
هي ، أو خاطراً غامقاً مبهما

هكذا تولد الكلماتُ . أُدرِّبُ قلبي
على الحب كي يَسَعَ الورد والشوكَ
صوفيَّةٌ مفرداتي . وحسِّيَّةٌ رغباتي
ولستُ أنا مَنْ أنا الآن إلا
َّإذا التقتِ الاثنتان ِ
أَنا ، وأَنا الأنثويَّةُ
يا حُبّ ! ما أَنت ؟ كم أنتَ أنتَ
ولا أنتَ . يا حبّ ! هُبَّ علينا
عواصفَ رعديّةً كي نصير إلى ما تحبّ
لنا من حلول السماويِّ في الجسديّ
وذُبْ في مصبّ يفيض من الجانبين
فأنت - وإن كنت تظهر أَو تَتَبطَّنُ
لا شكل لك
ونحن نحبك حين نحبُّ مصادفةً
أنت حظّ المساكين

من سوء حظّيَ أَني نجوت مراراً
من الموت حبّاً
ومن حُسْن حظّي أنيَ ما زلت هشاً
لأدخل في التجربةْ

يقول المحبُّ المجرِّبُ في سرِّه
هو الحبُّ كذبتنا الصادقةْ
فتسمعه العاشقةْ
وتقول : هو الحبّ ، يأتي ويذهبُ
كالبرق والصاعقة

للحياة أقول : على مهلك ، انتظريني
إلى أن تجفُّ الثُمَالَةُ في قَدَحي
في الحديقة وردٌ مشاع ، ولا يستطيع الهواء
ُالفكاكَ من الوردةِ
انتظريني لئلاَّ تفرَّ العنادلُ مِنِّي
فاُخطئ في اللحنِ
في الساحة المنشدون يَشُدُّون أوتار آلاتهم
ْلنشيد الوداع . على مَهْلِكِ اختصريني
لئلاَّ يطول النشيد ، فينقطع النبرُ بين المطالع
وَهْيَ ثنائيَّةٌ والختامِ الأُحاديّ
تحيا الحياة
على رسلك احتضنيني لئلاَّ تبعثرني الريحُ

حتى على الريح ، لا أستطيع الفكاك
من الأبجدية
لولا وقوفي على جَبَل ٍ
لفرحتُ بصومعة النسر : لا ضوء أَعلى
ولكنَّ مجداً كهذا المُتوَّجِ بالذهب الأزرق اللانهائيِّ
صعبُ الزيارة : يبقى الوحيدُ هناك وحيداً
ولا يستطيع النزول على قدميه
فلا النسر يمشي
ولا البشريُّ يطير
فيا لك من قمَّة تشبه الهاوية
أنت يا عزلة الجبل العالية

ليس لي أيُّ دور بما كُنْتُ
أو سأكونْ
هو الحظُّ . والحظ لا اسم لَه
ُقد نُسَمِّيه حدَّادَ أَقدارنا
او نُسَمِّيه ساعي بريد السماء
نُسَمِّيه نجَّارَ تَخْتِ الوليد ونعشِ الفقيد
نسمّيه خادم آلهة في أساطيرَ
نحن الذين كتبنا النصوص لهم
واختبأنا وراء الأولمب
فصدَّقهم باعةُ الخزف الجائعون
وكَذَّبَنا سادةُ الذهب المتخمون
ومن سوء حظ المؤلف أن الخيال
هو الواقعيُّ على خشبات المسارح

خلف الكواليس يختلف الأَمرُ
ليس السؤال : متى ؟
بل : لماذا ؟ وكيف ؟ وَمَنْ

مَنْ أنا لأقول لكم
ما أقول لكم ؟

كان يمكن أن لا أكون
وأن تقع القافلةْ
في كمين ، وأن تنقص العائلةْ
ولداً
هو هذا الذي يكتب الآن هذي القصيدةَ
حرفاً فحرفاً ، ونزفاً ونزفاً
على هذه الكنبةْ
بدمٍ أسود اللون ، لا هو حبر الغراب
ولا صوتُهُ
بل هو الليل مُعْتَصراً كُلّه
قطرةً قطرةً ، بيد الحظِّ والموهبةْ

كان يمكن أن يربح الشعرُ أكثرَ لو
لم يكن هو ، لا غيره ، هُدْهُداً
فوق فُوَهَّة الهاويةْ
ربما قال : لو كنتُ غيري
لصرتُ أنا، مرَّةً ثانيةْ

هكذا أَتحايل : نرسيس ليس جميلاً
كما ظنّ . لكن صُنَّاعَهُ
ورَّطوهُ بمرآته . فأطال تأمُّلَهُ
في الهواء المقَطَّر بالماء
لو كان في وسعه أن يرى غيره
لأحبَّ فتاةً تحملق فيه
وتنسى الأيائل تركض بين الزنابق والأقحوان
ولو كان أَذكى قليلاً
لحطَّم مرآتَهُ
ورأى كم هو الآخرون
ولو كان حُرّاً لما صار أُسطورةً

والسرابُ كتابُ المسافر في البيد
لولاه ، لولا السراب ، لما واصل السيرَ
بحثاً عن الماء . هذا سحاب - يقول
ويحمل إبريق آماله بِيَدٍ وبأخرى
يشدُّ على خصره . ويدقُّ خطاه على الرمل ِ
كي يجمع الغيم في حُفْرةٍ . والسراب يناديه
يُغْويه ، يخدعه ، ثم يرفعه فوق : إقرأ
إذا ما استطعتَ القراءةَ . واكتبْ إذا
ما استطعت الكتابة . يقرأ : ماء ، وماء ، وماء
ويكتب سطراً على الرمل : لولا السراب
لما كنت حيّاً إلى الآن

من حسن حظِّ المسافر أن الأملْ
توأمُ اليأس ، أو شعرُهُ المرتجل

حين تبدو السماءُ رماديّةً
وأَرى وردة نَتَأَتْ فجأةً
من شقوق جدارْ
لا أقول : السماء رماديّةٌ
بل أطيل التفرُّس في وردةٍ
وأَقول لها : يا له من نهارْ

ولاثنين من أصدقائي أقول على مدخل الليل
إن كان لا بُدَّ من حُلُم ، فليكُن
ْمثلنا ... وبسيطاً
كأنْ : نَتَعَشَّى معاً بعد يَوْمَيْن
ِنحن الثلاثة
مُحْتَفلين بصدق النبوءة في حُلْمنا
وبأنَّ الثلاثة لم ينقصوا واحداً
منذ يومين
فلنحتفل بسوناتا القمرْ
وتسامُحِ موت رآنا معاً سعداء
فغضَّ النظرْ

لا أَقول : الحياة بعيداً هناك حقيقيَّةٌ
وخياليَّةُ الأمكنةْ
بل أقول : الحياة ، هنا ، ممكنةْ

ومصادفةً ، صارت الأرض أرضاً مُقَدَّسَةً
لا لأنَّ بحيراتها ورباها وأشجارها
نسخةٌ عن فراديس علويَّةٍ
بل لأن نبيّاً تمشَّى هناك
وصلَّى على صخرة فبكتْ
وهوى التلُّ من خشية الله
مُغْمىً عليه

ومصادفةً ، صار منحدر الحقل في بَلَدٍ
متحفاً للهباء
لأن ألوفاً من الجند ماتت هناك
من الجانبين ، دفاعاً عن القائِدَيْنِ اللذين
يقولان : هيّا . وينتظران الغنائمَ في
خيمتين حريرَتَين من الجهتين
يموت الجنود مراراً ولا يعلمون
إلى الآن مَنْ كان منتصراً

ومصادفةً ، عاش بعض الرواة وقالوا
لو انتصر الآخرون على الآخرين
لكانت لتاريخنا البشريّ عناوينُ أُخرى
أُحبك خضراءَ" . يا أرضُ خضراءَ . تُفَّاحَةً
تتموَّج في الضوء والماء . خضراء . ليلُكِ
أَخضر . فجرك أَخضر . فلتزرعيني برفق
برفق ِ يَدِ الأم ، في حفنة من هواء
أَنا بذرة من بذورك خضراء

تلك القصيدة ليس لها شاعر واحدٌ
كان يمكن ألا تكون غنائيَّةَ
من أنا لأقول لكم
ما أَقول لكم ؟
كان يمكن أَلاَّ أكون أَنا مَنْ أَنا
كان يمكن أَلاَّ أكون هنا

كان يمكن أَن تسقط الطائرةْ
بي صباحاً
ومن حسن حظّيَ أَني نَؤُوم الضحى
فتأخَّرْتُ عن موعد الطائرةْ
كان يمكن أَلاَّ أرى الشام والقاهرةْ
ولا متحف اللوفر ، والمدن الساحرةْ

كان يمكن ، لو كنت أَبطأَ في المشي
أَن تقطع البندقيّةُ ظلِّي
عن الأرزة الساهرةْ

كان يمكن ، لو كنتُ أَسرع في المشي
أَن أَتشظّى
وأصبَح خاطرةً عابرةْ

كان يمكن ، لو كُنْتُ أَسرف في الحلم
أَن أَفقد الذاكرة

ومن حسن حظِّيَ أَني أنام وحيداً
فأصغي إلى جسدي
وأُصدِّقُ موهبتي في اكتشاف الألمْ
فأنادي الطبيب، قُبَيل الوفاة، بعشر دقائق
عشر دقائق تكفي لأحيا مُصَادَفَةً
وأُخيِّب ظنّ العدم

مَنْ أَنا لأخيِّب ظنَّ العدم ؟

Saturday, April 12, 2008

شعشبونة



انا شعشبونة. ليس حصريا و لكن احيانا. انا شعشبونة حرفيا عندما افيق من النوم و عندما تهب الرياح و عندما تتشبع الاجواء بالرطوبة الخانقة. و انا شعشبونة مجازيا عندما تهب العواصف المجازية (و المزاجية) و تبعثرني انسانة ذات نفس تومي لمن خارجها بانها فوضوية. بما اني غير معنية بان اكتب بغموض ، فلست من من يؤمنون بالايماءات و التعابير اللغزية، وجب توضيح كلمة شعشبونة. الشعشبونة هي العنكبوتة بالفلسطيني. بما ان شعري (بفتح الشين) عنكبوتي النزعات فقد ناداني البعض بالشعشبونة. و قيل لي ذات مرة بان حالة شعري العنكبوتية تشبه افكاري و ربما بعض تعابيري. اما عن رايي في الموضوع فاظن ان افكاري قد تكون متشعبة معظم الوقت لكن هذا في نظري تعبير عن حالة فكرية معقدة و ليست بالضرورة فوضوية. و لكن شعري حالة وجود فوضوية و شعشبونية بالضرورة. و هكذا كان الاسم، و كانت المدونة، و كنت انا ... شعشبونة